
رفاقي، قد يشنقوني وهذا ممكن وإن شنقوني فلن يميتوني، فسأبقى حياً أتحداهم ولن أموت ، وتذكروني سأبقى حياً وفي قلوبكم نبضات، "الإعتراف خيانه".
كانت هذه وصية الشهيد القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "إبراهيم الراعي" التي حفرها على جدران زنزانته قبل استشهاده في مثل هذا اليوم 11 من نيسان قبل 28 عاماً.
ولد إبراهيم الراعي في قلقيلية. اعتقل أوّل مرّة عام 1978 قبل تنفيذ خطّته في تفجير حافلةٍ إسرائيليّة. خرج من السجن عام 1983 دون أن يعترف، ونشط كقياديّ عسكريّ في الجبهة الشعبيّة ضد الاحتلال وروابط القرى.
ابراهيم الراعي الإعتقال
اعتقل الراعي في آب 1978 وحكم عليه بالسجن لخمس سنوات، وبعد أن أمضى أربعة أعوام من مدة محكوميته أفرج عنه ضمن حملة إفراجات واسعة أجرتها سلطات الاحتلال الصهيوني بالتنسيق مع ما سمي "روابط القرى" آنذاك، إلا أن الراعي تمسك بمبادئه فرفض الصفقة.
وقال للملأ بحفل إطلاق سراح الأسرى إن "هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم وإن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، فما كان من سلطات الاحتلال إلا أن أعادته للسجن، ليكمل فترة محكوميته.
اعتقل الراعي مرة ثانية في كانون الثاني عام 1986، بتهمة نشاطاته الوطنية النوعية، وانتمائه للجبهة وأطرها الجماهيرية والطلابية، وصلتها المباشرة بمجموعة اتهمت بقتل جنود صهاينة، فخاض تجربة التحقيق الثانية بإرادة أقوى، ليعجز جهاز المخابرات الاحتلالي كما المرة الأولى في انتزاع أي اعتراف منه، فعزل في زنازين الاحتلال لمدة 9 أشهر.
الصمود في سجون الإحتلال
صمد الراعي 58 يوما في زنازين التحقيق في سجن جنين حيث عذب بطريقة وحشية، وحكم بالسجن الفعلي لمدة سبع سنوات ونصف، ثم نقل إلى زنازين التحقيق في سجن نابلس القديم، ومنها إلى التحقيق في المسكوبية، كما تم نقله بين زنازين رام الله والمسكوبية خلال فترة التحقيق، وبقي قابعا في زنازين التحقيق لغاية 29-11-1987.
نقل الأسير الراعي بعدها إلى سجن الرملة بعد قرار محكمة الاحتلال العليا وضعه في السجن الانفرادي لفترة غير محددة زمنيا، لأن وجوده خارج الانفرادي يشكل خطرا على"أمن" كيان الاحتلال، حسب ادعائهم، وخرج لأول مرة من أقبية التحقيق بعد قضاء 8 أشهر ومن قبلها أربعة أشهر أخرى، ولم يسمح له بتبديل ملابسه أو الاستحمام أو الحلاقة خلال فترة وجوده في السجن الانفرادي.
إبراهيم الراعي - الإستشهاد
وفي الحادي عشر من نيسان من عام 1988 كان الموعد مع الشهادة، ولم تسمح سلطات الإحتلال سوى لخمسة عشر شخصاً فقط من أهله بالمشاركة في جنازته ليلاً واستطاع أفراد العائلة الكشف عن الجثمان ووجدوا علامات الضرب المبرح في الرأس وفي أنحاء مختلفةٍ من الجسم ودماء نازفة من الأذن وجرح في الخاصرة وبقع زرقاء متورمة في الرأس ..
كلمات خالدة للشهيد إبراهيم الراعي
"تعلمت أن التناقض بيننا وبين الأعداء تناقضٌ تناحريٌّ. كلا النقيضين سيعمل جاهداً من أجل تصفية الآخر، وطالما لم يعمل العدو على تصفيتي فهذا يعني أنني لم أمثل بعد جزءاً طبيعياً من نقيضه الرئيسي". من وصيّة إبراهيم، كتبها في سجن الرملة بعد 8 أشهر من التعذيب.
"رفاقي، قد يشنقونني وهذا ممكن، وإن شنقوني فلن يميتوني، فسأبقى حياً أتحداهم ولن أموت، وتذكروني سأبقى حياً، وفي قلوبكم نبضات". كلمات حفرها على جدران زنزانته في معتقل "المسكوبية" عام 1987.
"رأيتهم أقزاماً وكنت عملاقاً، كانوا يصرخون وكنت هادئاً. عندما حاولوا مساومتي شعرت أنهم أغبياء لا يفرقون بين الصلابة والمبدئية ولهذا ضحكت. لم أسقط بل سقطوا هم من فَرْطِ بؤسهم وقد أنهكهم التعب، وبقيت مرتفعاً أعلو وأعلو".
إستشهد إبراهيم جسداً لكنه أحياً بشعبه نموذجاً يُحتذى لكل الثوار الأحرار في الصمود الإسطورى والنضال المتواصل فعاش مناضلاً عنيداً معطاءاً ، أسيراً شامخاً صامداً ، منتصراً في كل المعارك التي خاضها ، واستشهد كالأشجار وقوفاً .
شاركنا برأيك